Wa law yu'aakhizul laahun naasa bizulminhim maa taraka 'alaihaa min daaabbatinw wa laakiny yu'akhkhiruhum ilaaa ajalim musamman fa izaa jaaa'a ajaluhum laa yastaakhiroona saa'atanw wa laa yastaqdimoon
ولو يؤاخذ الله الناس بكفرهم وافترائهم ما ترك على الأرض مَن يتحرَّك، ولكن يبقيهم إلى وقت محدد هو نهاية آجالهم، فإذا جاء أجلهم لا يتأخرون عنه وقتًا يسيرًا، ولا يتقدمون.
Tallaahi laqad arsalnaaa ilaaa umamim min qablika fazayyana lahumush Shaitaanu a'maalahum fahuwa waliyyuhumul yawma wa lahum 'azaabun aleem
تالله لقد أرسلنا رسلا إلى أمم مِن قبلك -أيها الرسول- فحسَّن لهم الشيطان ما عملوه من الكفر والتكذيب وعبادة غير الله، فهو متولٍّ إغواءهم في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع.
Wallaahu anzala minas samaaa'i maaa'an fa ahyaa bihil arda ba'da mawtihaa; inna fee zaalika la aayatal liqaw miny yasma'oon
والله أنزل من السحاب مطرًا، فأخرج به النبات من الأرض بعد أن كانت قاحلة يابسة، إن في إنزال المطر وإنبات النبات لَدليلا على قدرة الله على البعث وعلى الوحدانية، لقوم يسمعون، ويتدبرون، ويطيعون الله، ويتقونه.
Wa inna lakum fil an'aami la'ibrah; nusqeekum mimmmaa fee butoonihee mim baini farsinw wa damil labanann khaalisan saaa'ighallish shaaribeen
وإن لكم -أيها الناس- في الأنعام -وهي الإبل والبقر والغنم- لَعظة، فقد شاهدتم أننا نسقيكم من ضروعها لبنًا خارجًا من بين فَرْث -وهو ما في الكَرِش- وبين دم خالصًا من كل الشوائب، لذيذًا لا يَغَصُّ به مَن شَرِبَه.
Wa min samaraatin nakheeli wal a'nnaabi tattakhizoona minhu sakaranw wa rizqann hasanaa; inna fee zaalika la Aayatal liqawminy ya'qiloon
ومِن نِعَمنا عليكم ما تأخذونه من ثمرات النخيل والأعناب، فتجعلونه خمرًا مُسْكِرًا -وهذا قبل تحريمها- وطعامًا طيبًا. إن فيما ذكر لَدليلا على قدرة الله لِقومٍ يعقلون البراهين فيعتبرون بها.
ثم كُلي مِن كل ثمرة تشتهينها، فاسلكي طرق ربك مذللة لك؛ لطلب الرزق في الجبال وخلال الشجر، وقد جعلها سهلة عليكِ، لا تضلي في العَوْد إليها وإن بَعُدَتْ. يخرج من بطون النحل عسل مختلف الألوان مِن بياض وصفرة وحمرة وغير ذلك، فيه شفاء للناس من الأمراض. إن فيما يصنعه النحل لَدلالة قوية على قدرة خالقها لقوم يتفكرون، فيعتبرون.
والله سجانه وتعالى خلقكم ثم يميتكم في نهاية أعماركم، ومنكم مَن يصير إلى أردأ العمر وهو الهرم، كما كان في طفولته لا يعلم شيئًا مما كان يعلمه، إن الله عليم قدير، أحاط علمه وقدرته بكل شيء، فالله الذي ردَّ الإنسان إلى هذه الحالة قادر على أن يميته، ثم يبعثه.
والله فَضَّل بعضكم على بعض فيما أعطاكم في الدنيا من الرزق، فمنكم غني ومنكم فقير، ومنكم مالك ومنكم مملوك، فلا يعطي المالكون مملوكيهم مما أعطاهم الله ما يصيرون به شركاء لهم متساوين معهم في المال، فإذا لم يرضوا بذلك لأنفسهم، فلماذا رضوا أن يجعلوا لله شركاء من عبيده؟ إن هذا لَمن أعظم الظلم والجحود لِنعم الله عز وجل.
Wallaahu ja'ala lakum min anfusikum azwaajanw wa ja'ala lakum min azwaajikum baneena wa hafadatanw wa razaqakum minat yaiyibaat; afabil baatili yu'minoona wa bini'matil laahi hum yakkfuroon
والله سبحانه جعل مِن جنسكم أزواجا؛ لتستريح نفوسكم معهن، وجعل لكم منهن الأبناء ومِن نسلهنَّ الأحفاد، ورزقكم من الأطعمة الطيبة من الثمار والحبوب واللحوم وغير ذلك. أفبالباطل من ألوهية شركائهم يؤمنون، وبنعم الله التي لا تحصى يجحدون، ولا يشكرون له بإفراده جل وعلا بالعبادة؟
Wa ya'budoona min doonil laahi maa laa yamliku lahum rizqam minas samaawaati wal ardi shai'anw wa laa yastatee'oon
ويعبد المشركون أصنامًا لا تملك أن تعطيهم شيئًا من الرزق من السماء كالمطر، ولا من الأرض كالزرع، فهم لا يملكون شيئًا، ولا يتأتى منهم أن يملكوه؛ لأنهم لا يقدرون.
وإذا عَلِمتم أن الأصنام والأوثان لا تنفع، فلا تجعلوا -أيها الناس- لله أشباهًا مماثلين له مِن خَلْقه تشركونهم معه في العبادة. إن الله يعلم ما تفعلون، وأنتم غافلون لا تعلمون خطأكم وسوء عاقبتكم.
Darabal laahu masalan 'abdam mammlookal laa yaqdiru 'alaa shai'inw wa marrazaqnaahu mminnaa rizqan hasanan fahuwa yunfiqu minhu sirranw wa jahra; hal yasta-woon; alhamdu lillaah; bal aksaruhum laa ya'lamoon
ضرب الله مثلا بيَّن فيه فساد عقيدة أهل الشرك: رجلا مملوكًا عاجزًا عن التصرف لا يملك شيئًا، ورجلا آخر حرًا، له مال حلال رزَقَه الله به، يملك التصرف فيه، ويعطي منه في الخفاء والعلن، فهل يقول عاقل بالتساوي بين الرجلين؟ فكذلك الله الخالق المالك المتصرف لا يستوي مع خلقه وعبيده، فكيف تُسَوُّون بينهما؟ الحمد لله وحده، فهو المستحق للحمد والثناء، بل أكثر المشركين لا يعلمون أن الحمد والنعمة لله، وأنه وحده المستحق للعبادة.
Wa darabal laahu masalar rajulaini ahaduhumaaa abkamu laa yaqdiru 'alaa shai'inw wa huwa kallun 'alaa mawlaahu ainamaa yuwajjihhu laa yaati bikhairin hal yastawee huwa wa many-yaamuru bil'adli wa huwa 'alaa Siraatim MMustaqeem
وضرب الله مثلا آخر لبطلان الشرك رجلين: أحدهما أخرس أصم لا يَفْهَم ولا يُفْهِم، لا يقدر على منفعة نفسه أو غيره، وهو عبء ثقيل على مَن يَلي أمره ويعوله، إذا أرسله لأمر يقضيه لا ينجح، ولا يعود عليه بخير، ورجل آخر سليم الحواس، ينفع نفسه وغيره، يأمر بالإنصاف، وهو على طريق واضح لا عوج فيه، فهل يستوي الرجلان في نظر العقلاء؟ فكيف تُسَوُّون بين الصنم الأبكم الأصمِّ وبين الله القادر المنعم بكل خير؟
والله سبحانه وتعالى أخرجكم مِن بطون أمهاتكم بعد مدة الحمل، لا تدركون شيئًا مما حولكم، وجعل لكم وسائل الإدراك من السمع والبصر والقلوب؛ لعلكم تشكرون لله تعالى على تلك النعم، وتفردونه عز وجل بالعبادة.
Alam yaraw ilat tairi musakhkharaatin fee jawwis samaaa'i maa yumsikuhunna illal laah; inna fee zaalika la Aayaatil liqawminy yu'minoon
ألم ينظر المشركون إلى الطير مذللات للطيران في الهواء بين السماء والأرض بأمر الله؟ ما يمسكهن عن الوقوع إلا هو سبحانه بما خَلَقه لها، وأقدرها عليه. إن في ذلك التذليل والإمساك لَدلالات لقوم يؤمنون بما يرونه من الأدلة على قدرة الله.
Wallaahu ja'ala lakum min juloodil an'aami buyootan tastakhif foonahaa yawma za'nikum wa yawma iqaamatikum wa min aswaafihaa wa awbaarihaa wa ash'aarihaaa asaasanw wa mataa'an ilaa been
والله سبحانه جعل لكم من بيوتكم راحة واستقرارًا مع أهلكم، وأنتم مقيمون في الحضر، وجعل لكم في سفركم خيامًا وقبابًا من جلود الأنعام، يَخِفُّ عليكم حِمْلها وقت تَرْحالكم، ويخف عليكم نَصْبها وقت إقامتكم بعد التَّرْحال، وجعل لكم من أصواف الغنم، وأوبار الإبل، وأشعار المعز أثاثًا لكم من أكسية وألبسة وأغطية وفرش وزينة، تتمتعون بها إلى أجل مسمَّى ووقت معلوم.
Wallaahu ja'ala lakum mimmaa khalaqa zilaalanw wa ja'ala lakum minal jibaali aknaananw wa ja'ala lakum saraabeela taqeekumul harra wa saraabeela taqeekum baasakum; kazaalika yutimmu ni'matahoo alaikum la'allakum tuslimoon
والله جعل لكم ما تستظلُّون به من الأشجار وغيرها، وجعل لكم في الجبال من المغارات والكهوف أماكن تلجؤون إليها عند الحاجة، وجعل لكم ثيابًا من القطن والصوف وغيرهما، تحفظكم من الحر والبرد، وجعل لكم من الحديد ما يردُّ عنكم الطعن والأذى في حروبكم، كما أنعم الله عليكم بهذه النعم يتمُّ نعمته عليكم ببيان الدين الحق؛ لتستسلموا لأمر الله وحده، ولا تشركوا به شيئًا في عبادته.
Wa yawma nab'asu min kulli ummatin shaheedan summa laa yu'zanu lillazeena kafaroo wa laa hum yusta'taboon
واذكر لهم -أيها الرسول- ما يكون يوم القيامة، حين نبعث من كل أمة رسولها شاهدًا على إيمان من آمن منها، وكُفْر مَن كَفَر، ثم لا يُؤذن للذين كفروا بالاعتذار عما وقع منهم، ولا يُطْلب منهم إرضاءُ ربهم بالتوبة والعمل الصالح، فقد مضى أوان ذلك.
Wa izaa ra al lazeena ashrakoo shurakaaa'ahum qaaloo Rabbana haaa'ulaaa'i shurakaaa'unal lazeena kunnaa nad'oo min doonika fa alqaw ilaihimul qawla innakum lakaaziboon
وإذا أبصر المشركون يوم القيامة آلهتهم التي عبدوها مع الله، قالوا: ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا نعبدهم مِن دونك، فنطقَتِ الآلهة بتكذيب مَن عبدوها، وقالت: إنكم -أيها المشركون- لَكاذبون، حين جعلتمونا شركاء لله وعبدتمونا معه، فلم نأمركم بذلك، ولا زعمنا أننا مستحقون للألوهية، فاللوم عليكم.
الذين جحدوا وحدانية الله ونبوتك -أيها الرسول- وكذَّبوك، ومنعوا غيرهم عن الإيمان بالله ورسوله، زدناهم عذابا على كفرهم وعذابًا على صدِّهم الناس عن اتباع الحق؛ وهذا بسبب تعمُّدهم الإفساد وإضلال العباد بالكفر والمعصية.
Wa yawma nab'asu fee kulli ummmatin shaheedan 'alaihim min anfusihim wa ji'naa bika shaheedan 'alaa haaa'ulaaa'; wa nazzalnaa 'alaikal Kitaaba tibyaanal likulli shai'inw wa hudanw wa rahmatanw wa bushraa lilmuslimeen
واذكر -أيها الرسول- حين نبعث يوم القيامة في كل أمة من الأمم شهيدًا عليهم، هو الرسول الذي بعثه الله إليهم من أنفسهم وبلسانهم، وجئنا بك -أيها الرسول- شهيدًا على أمتك، وقد نَزَّلْنا عليك القرآن توضيحًا لكل أمر يحتاج إلى بيان، كأحكام الحلال والحرام، والثواب والعقاب، وغير ذلك، وليكون هداية من الضلال، ورحمة لمن صدَّق وعمل به، وبشارة طيبة للمؤمنين بحسن مصيرهم.
Innal laaha yaamaru bil 'adli wal ihsaani wa eetaaa'i zil qurbaa wa yanhaa 'anil fahshaaa'i wal munkari walbagh-i' ya'izukum la'allakum tazakkkaroon
إن الله سبحانه وتعالى يأمر عباده في هذا القرآن بالعدل والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك به، وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه، ويأمر بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع، وإلى الخلق في الأقوال والأفعال، ويأمر بإعطاء ذوي القرابة ما به صلتهم وبرُّهم، وينهى عن كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي، وعن ظلم الناس والتعدي عليهم، والله -بهذا الأمر وهذا النهي- يَعِظكم ويذكِّركم العواقب؛ لكي تتذكروا أوامر الله وتنتفعوا بها.